اعترافات انثى .. و عزوفي عن الحياة

ماي 9, 2010 at 1:19 ص (مصافحة أولى) (, , , , , )

.

.

كان مساءً مليئاً بأوجاعٍ ” مختلفُ ألوانها ”
وحدة .. وغرفة مظلمة .. وبقايا ألم .. وسرير بألوان الكفن
لجأت إلي وسادتي .. و همست لها بشئ من أسراري ..
وما لبثت أن تهادت جفوني .. فغادر النور عيناي إلي أجل
قبل الفجر .. موعد مع الوجع .. زيارة جبريه للوريد
لترد أنبوبه عينه الدم على حياضه المقفره ..
وبعدها يرتفع صوت الحق .. لتحل راحه الفؤاد المٌتعب
.
.
.
لا مناص من العودة إلى مثواي ..
هو ذات السرير .. وذات الوسادة التي ألفتها
رفعت استار النافذة ليٌحيِي الضوء رميم الورد
باقات تحمل أسماء أناس احببتهم وأراهم في كله ورقه ورد

حل الزوال .. و حانت ساعة الهروب لمعانقة الشمس
حملت روايتي التي أتممت بالأمس قراءة نصفها .. و خرجت خلسة
مديراً ظهري لمكتب التمريض .. لكي لا يعيدني أصحاب البالطوهات البيضاء
إلي عتمة الغرفة السوداء ..
ركبت المصعد الأول في رحلة الهروب إلى الضياء
انا الآن حرٌ في باحة الحديقة .. والشمس رحيمه حليمة بنورها الساحر

حمداً لله .. الكرسي الخشبي الذي اعتدت الجلوس عليه شاغر
جلست واطلقت بصري للسماء .. وكأنما اقتربت من قلب الغمام
رحلت بخيالي بعيدا .. عدت إلى الوراء .. فارتسمت على شفتي إبتسامة
مالبتث ان تلاشت .. فمخيلتي تجرني إلى الأمام .. حيث للمجهول العابس فصول
الصفحة الرابعة والثلاثون بعد المئة .. أخذت صورتهم وتأملت حسنهم بحرقه وإشتياق
ثم أعدتها في صدر الكتاب .. و أكملت من حيث توقفت بالأمس بعد الزوال ..
.
.
.
.
.

اكتضت الحديقه بالمّارة .. أطباء وطبيبات ممرضون وممرضات
.. وبعض الهاربين من الأسرّة البيضاء
كنت في غمرتي ساهـٍ أجوب فصول الرواية ..
.
.
اقترَب قرع الخطى .. لم التفت
الكرسي لا يتسع سوى لثلاثه .. جلسَتْ اثنتان وتجذابن اطراف الحديث مع الواقفات ..
و جعلت أدلف في القراءة .. و أقلب أركان الحكاية ..
رحلوا .. وبَقِيَتْ .. تُقاسمني الجلوس

الصفحة .. الثالثة والستون بعد المئة .. عند نهايتها مشهد حزين
الرجل المسكين يبكي أمه .. ماتت وقد جاوزت السبعين
نظرَتْ إلي كتابي .. فقلبتُ الصفحة كي لا تقرأ المشهد الحزين
صمتًتَ لبرهة .. حتى ذاقت ذرعاً من هذا الجمود ..
اغتاضَتْ .. هي أنثى لم تعتد الصدود .. و جليسها دوماً المحسود
قالت ما هذا الذي تقرأ ..؟
قلت من تسالين !
تأففت و قالت .. من غيركـ في الجوار ؟
قلت منذ متى وانتـِ هنا .. ؟
وقالت متكبر انت يا جدار
قلت أجل جدار
الركن الشديد الذي تأوي إليه أنثى
قالت أجب ما هذا الذي تقرأ !
قلت : كتاب
قالت أعلم .. فقلت أعلم أنك تعلمين
قالت : رواية ؟
قلت : تشبهكـ .. وسائر النساء
قالت ماذا! ؟ ….. كيف ؟
قلت أجمل ما فيها الغلاف .. ليتني ابقيتها مغلقة
فثارت .. في هدوء ..
فضحكتٌ عبثاً .. وقلت ما أجمل ثورة النساء ..
فاستجْمَعَتْ شيئاً من كبريائها وقالت لم أثور
و فضحتها إبتسامة حياء تقطارت من ثنايا ثغر ها
.
.
.
.
.
قالت وماذا بعد تعرف عن النساء ..؟
قلت لا شئ أكثر .. سوى أنكـِ تبدين أنثى حقيقيه
قالت وماذا بعد ..
قلت انتـِ فلقة تهادت من قمر .. لستـِ بشر
انتـِ سارقة .. سرقت من عيني البصر
ظالمة .. تقتلين .. و تحمكين على المقتول بصوم الدهر
لا تتبسمي .. فتبسمكـِ مجون ..
لا تعبسي .. فوجومكـ .. يملأ الدنيا طعون
قالت .. كفاااكـ .. لست أقوى على ثقل المتون
.
.
و عادت ترتشف شيئاً في زجاج يشبه لون شفتيها
تختال بزيها الأبيض الأنيق .. وتداعب شعرها بأنامل من حرير
ونسناس النسيم يدغدغ وجنتيها .. والشمس تلمع في مقلتيها
ترف الحسن يتغشاها .. و ملائكيه الأنثى تشع من محياها
آيات الجمال فيها تعالت وتجلّت .. وصنوف الدلال بخطاها استدلت
تميل لها الأغصان حين تراها .. و ترنو الزهور إلى لقاها
.
.
قالت .. أي الرجال أنت .. !
قلت طفل .. تعجّل في خٌطاه .. يفتقد أمه . و قد مات أباه
قالت .. الحزن يملأ عينيك .. و أرى فيهما ألف حكايه
فيهما صمت رهيب .. و أسرار بلا نهاية
قلت .. لقد قطعتـِ علي كينونتي .. دعيني أكمل الروايه

قالت سأعترف .. مضت ايام وانا اتصنع المرور من هنا
وأنت على ذات الكرسي .. أنتظر يوما تغلق فيه الكتاب
لكني مللت الإنتظار ..
قلت ماذا تريدين .. قالت لاشئ عدا أني اكره هذا الكتاب
أعلن نفسي في زمرة الحُسّاد .. لماذا يحضى بكل هذا الحب منك
هلّا أحببت يوماً إمرأة ؟
صمتك يثير في قلبي الأسئلة .. و طرفك المرتد يغتال إتزاني
اخبرني .. ما هذا العزوف منك عن الحياة ..
.
.
.
.
.

قلت .. يا فتاة ..
أنا رجل هالكـ .. أعيش على أطراف البقاء ..
أخذت من الدنيا كثيراً من السعادة و أكوام شقاء

فامضِ .. فالدنيا مليئة بكراسٍ من خشب
.
.
.

رابط دائم 2 تعليقان

Next page »